حزين! ماذا أفعل؟
12طريقة للخروج من الاكتئاب
للدكتور محمد شريف سالم
يستيقظ الناس كل صباح للبحث عن السعادة. نذهب إلى أعمالنا, ونجني المال, ونتقاتل ونتخاصم, ونسافر ونجيء, ونتمنى ونحلم, نفعل كل ذلك ونحن نبحث عن السعادة.. نبحث عن ذلك الشعور الجميل كل يوم, قد تكون ممن ابتلاهم الله بهذا المرض أو غيره مما يصيب المزاج بالتعكر والحزن والضيق.. لكن ذلك ليس أبدياً أو حتمياً .. هناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها..
هذه بعض الخطوات العملية التي تجلب المزيد من السعادة في هذه الحياة. لنتأملها سوية:
1* أحص نعم الله عليك:
احتفظ بـ "دفتر النعم" وسجل فيه بشكل دوري ثلاثة إلى خمسة أشياء تحمد الله أن حباك إياها, من أتفه الأشياء (الاستمتاع بأكل الأيسكريم), إلى أعظمها (السمع والبصر). افعل ذلك مرة في الأسبوع.
2* ضع قائمة بالنشاطات التي تدخل عليك السعادة عند ممارستها.
راقب بوعي مقدار الوقت الذي تقضيه في ممارسة هذه النشاطات. (من الملاحظ أن كثيراً من الناس يعرفون ما يسعدهم ولكن بسبب الانشغال هنا وهناك لا يقومون بهذه الأفعال أو النشاطات).
3* سجل تلك اللحظات والمواقف التي شعرت فيها بمشاعر إيجابية جميلة, سجلها على الورق وقم بالعودة إليها وقراءتها, وتلميعها في ذهنك واستذكارها والاستمتاع بها.
4* تذوق متع الدنيا:
أعط انتباهك للحظات الجميلة خلال يومك, استمتع بدفء الشمس وأنت تخطو من الظل إلى الشمس, استمتع بلذة شراب البرتقال, استمتع بجمال عبارة شاعر أو خطيب, وهكذا.. خذ صورة ذهنية لمثل هذه اللحظات الممتعة, واحتفظ بها لاستعادتها في اللحظات الأقل سعادة.
5* قم بأعمال لطيفة وبسيطة:
قم بها بشكل عفوي.. (اسمح لشخص أن يتقدم عليك في الدور أمام المحاسب), (افتح الباب لشخص ما للدخول قبلك), وبشكل منتظم أيضاً (قدم وجبة عشاء لجاركم المسن مرة في الأسبوع). عندما تكون لطيفاً مع الآخرين من معارفك أو من الغرباء, فهذا سيحفز لديك سيل من المشاعر الايجابية. ستشعر بالكرم والقدرة والحميمية مع الآخرين, وستكسب احترام وتقدير الآخرين وابتسامتهم.
6* اعترف بالفضل للآخرين:
عندما يسدي لك أحدهم نصيحة, أو يقوم بتصرف أسعدك لا تتردد بأن تذهب لتقدم له الشكر لما أمتعك به من لحظات جميلة: (أشكر إمام المسجد لأنه يمتعك بصوته الندي عند تلاوته للقرآن), (أشكر عامل النظافة على جودة عمله إن فعل ذلك), (اشكر جندي المرور الذي يسهر على أمننا وحمايتنا) وهكذا.
7* استثمر وقتك وجهدك في العلاقة مع أصدقائك وعائلتك:
أينما كنت تعيش أو كم تجني من المال أو مهما كانت وظيفتك فلهذا تأثير طفيف على امتلاكك للسعادة. ما يجلب السعادة حقاً هو مدى ما نملكه من علاقات رائعة مع الآخرين.
8* تذكر أن السعادة قرار..
إنه قرارك أنت.. مهما كنت, وأينما كنت, وتحت أي
ظرف, يمكنك أنت وحدك أن تختار أن تكون
سعيداً أو غير ذلك.
9* قبل كل ذلك كله وبعده اكسب السعادة الحقيقية من مصدرها:
التجئ إلى الله القوي القادر وتحصن بركنه الشديد
واحرص على حبه لك, ورضاه عنك فذلك هو الفوز
الكبير.
10* قم بتوجيه وعيك وانتباهك إلى ما تملك, وإلى ما منّ الله عز وجل عليك بدل أن نوجهه إلى ما تتمناه أو ما يملكه غيرك.
11* لو نظرنا حولنا لوجدنا أننا نتمتع بنعم كثيرة.. وفي حياتنا إيجابيات عديدة, لكن أنظارنا غابت عنها ونحتاج أن نكتشفها من جديد.. أطفالك الذين يلعبون من حولك, زواجك المستقر, صحتك المتعافية بدنياً.. وغيرها كثير. قال أحدهم هذه العبارة البليغة التي تستحق أن تكرر قراءتها:
شعرت بالكآبة حين نظرت ليس لدي حذاء, إلى أن رأيت رجلاً في الشارع يسير ليس لديه ساقين!!
هنا اختلفت الأمور تماماً. وبدأ ذلك الفقير يشعر بالرضا رغم صعوبة ما يواجهه. لقد فرضت علينا العولمة صورة موحدة للسعادة, وهي الانغماس في عدد لا يحصى من اللذائذ المؤقتة كتناول وجبة مميزة (وغالية الثمن طبعاً), والسفر إلى أقاصي الأرض بحثاً عن الترفيه, والشراء الذي لا حدود له من الملابس والحوائج الاستهلاكية الأخرى. وصرفت انتباهنا عن بناء حياة طيبة, حياة لها معنى, حياة نترك فيها بصمتنا الخاصة عبر العديد من النشاطات التي نحبها ونبرع في أدائها, والتي تترك أثراً جميلاً في أنفسنا وفي من حولنا. لكي نتخلص من شعورنا بالحزن والضيق لابد أن نبتكر لأنفسنا رسالةً وهدفاً. إننا بحاجة إلى أن ننظر إلى الدنيا على أنها فرصة لكي نُظهر فيها أفضل ما نمتلك من مزايا ومهارات, ونحول أحلامنا إلى واقع نعيشه, وبذلك نبني عالماً يحلو لنا ولغيرنا العيش فيه. وليس النظر إلى الدنيا وكأنها (عالم ديزني) حيث الجري وراء اللذائذ التي لا تنتهي.
العلاج بالكتابة:
جرّب هذه الوسيلة الفعالة في محاربة الشعور بالحزن. حيث يقترح بعض العلماء أن التنفيس عن مشاعر الحزن يتم عبر كتابتها بالتفصيل, وإطلاق عنانها عبر وصفها بالكلمات المكتوبة, مما يوفّر الفرصة للتخفيف من وطئتها. ونقترح هنا أن تتناول القضية التي تسبب لك ضيقاً, وتبدأ بوصفها وتحديد مشاعرك تجاهها خلال خمس عشر دقيقة من الكتابة المستمرة دون تردد أو تنميق. ستجد في نهاية هذا التمرين استرداد شيء من حيويتك ونشاطك. والتجربة خير برهان!
ختاماً: هذه بعض الإشارات التي أرجو أن تساعدك للتخلص من إحدى أهم معكرات الحياة التي تورث اليأس, وتشل الفاعلية, وتكسو الحياة بالسواد.